جليليّاتٌ يُلبِسنَ الزّمنَ العاريَ عباءةً روحيّةً!/ آمال عوّاد رضوان


على وقْعِ حوافرِ نهايةِ العام الدّراسيِّ بتاريخ 30-6-2010، حلَّ النّادي النّسائيُّ الأورثوذكسيُّ الرّامويّ (حاملاتُ الطّيب - الرّامة) ضيفًا مباركًا على نادي البيت الدافئ الأورثوذكسيّ في عبلين، وفي رواقِ كنيسةِ مار جوارجيوس تلتحمُ التّرانيمُ الكنسيّةُ مُهلّلةً للقدّيسِ جوارجيوس؛ شفيع الكنيسةِ والمؤمنين، العظيم في الشّهداءِ الكلّيّ الظّفر، عاضد الفقراء والمساكين ومُحرّر المأسورين، الطّبيب الشّافي واللاّبس الظّفر، وتتوالى الصّلواتُ في خشوعِ أصواتٍ نسائيّةٍ، تبتهلُ مُرنّمةً مِن أجل خلاصِ النّفوس ومن أجل بذر السّلام.

في قاعةِ الكنيسةِ المجاورة، رحّبتْ لجنةُ الكنيسةِ بالضّيفاتِ الكريمات، وقام السّيّد جاكي حاج بالحديث عن تاريخ الكنيسةِ الأثريّ، وعن نشاطاتِ الكنيسةِ الرّوحيّةِ المتمثّلةِ براعي الكنيسةِ قُدْس الأب سبيريدون عوّاد، وبنفوسِ الرّعايا والعطاءِ المؤمن، وعن المؤسّساتِ التّابعةِ للكنيسةِ، والّتي تتمتّعُ كلٌّ منها بمقرٍّ خاصٍّ بها ومجاورٍ للكنيسة؛ تحدّثَ عن مدرسة الأحد ودورها التثقيفيٍّ لجيلِ الطّفولة، الذي يُعزّزُ الانتماءَ والمعرفةَ الرّوحيّة، وتحدّثَ عن الحركةِ الكشفيّةِ للشّبيبةِ الأورثوذكسيّة، والتي تضفي انضباطًا ورونقًا في المناسباتِ الدينيّةِ وخدمةِ عبلين، وأشارَ إلى نادٍ أورثوذكسيٍّ يتجدّدُ منذ شهور، وكانَ قد أقيمَ عام 1946 قبل النّكبةِ وتوقّفَ منذها، وعاد ليتجدّدَ بروحٍ عارمةٍ بالشّباب والحيويّةِ، فتقيمُ المحاضراتِ التّثقيفيّةَ الأسبوعيّةَ في شتّى المجالاتِ، كما وتحدّثَ عن دوْرِ لجنةِ الكنيسةِ المنتخَبَةِ، والدّاعمةِ لكلِّ النّشاطاتِ الّتي تُجذّرُ الوعْيَ والانتماءَ والعطاءَ للطّائفةِ وللبلدة!

تحدّثتْ بديعة غبريس عن جمعيّةِ البيتِ الدّافئ الأورثوذكسيّ التّابع للكنيسة، وعن تاريخ تأسيسِهِ منذ أكثر مِن عشرةِ أعوام، وعن أهدافِهِ المرسومةِ، والّتي استطاعَ أن يُحقّقَ حتّى الآن بعضًا منها؛ كمثل تأسيس النّادي النّسائيّ، وحضانةٍ وروضتيْن للأطفال بأجيال 3-5 سنوات، وتأمين فرص عملٍ لتشغيل فتياتِنا الخرّيجات، مَن تقفُ أمامهنّ حواجزُ التّوظيفِ وتعجيز التّعيين في البلاد!

بعدَ التّرحيبِ انتقلنَ للتّعرّفِ على قاعاتِ النّشاطات، والتي هي جزءٌ مِن وقْفِ الكنيسةِ، الوقف الذي ثبّتهُ المرحومُ الكاهنُ إبراهيم حبيب، بتابو باسم الطائفة الأورثوذكسيّة العبلينيّة وليس باسم البطريركيّة، وكلُّها أوقافٌ مستغَلّةٌ في خدمةِ أبنائِها، بإدارةٍ راشدةٍ ونظرةٍ ثاقبةٍ ورؤى واعية، تعملُ على ترسيخ أجيالنا الصّاعدةِ في بلدِها، ومحاربة ما يُدعى بالتّهجير وفكرةِ تفريغ بلادِنا والشّرق الأوسطِ عامّة مِن عَرَبها المسيحيّين!

وفي مقرّ النّادي النّسائيّ تحدّثت السّيدة نبيلة دوحة رئيسةُ جمعيّةِ حاملاتِ الطّيب عن تأسيسِ الجمعيّةِ والنّشاطاتِ الرّوحيّة والاجتماعيّة، التي يقومُ بها النّادي النسائيّ، وتمنّتْ دوامَ التّواصلِ الرّوحيِّ والتّعاضدِ الأخويِّ بينَ نساءِ سائر الجليل والوطن قاطبةً!

تحلّقن حولَ مائدةِ المحبّةِ المتواضعة يردّدنَ الصّلاةَ الرّبّانيّةَ، والّتي شاطرتْ خبزَها وماءَها زغاريدُ التّرحيبِ التّراثيّ، وبسماتُ تأهيلٍ مغموسةٌ بالبساطةِ المتورّدةِ بالوجوهِ النّسائيّة، والملامحُ الدّافقةُ بالحياةِ والدّعواتِ الطّيّبةِ والرّضا، ومن ثمّ تأتي كلمةُ ترحيبِ البيتِ الدّافئِ مسانِدةً لهذهِ النّشاطاتِ النّسويّة، الّتي تستحقُّ جزالةَ التّوقيرِ والتّقديرِ، لِعبَقِ ما ينبعثُ مِن عِشقها للأرضِ والانتماءِ والحياة، مِن مساماتِ جلودِ أبنائِنا الموشومةِ بالمقاومةِ وإثباتِ الحضورِ على أرضِ الوطن، تحتَ ثِقلِ الظروفِ السّوداء، وعبْءِ رائحةِ الزّمن العاري مِن العدالةِ الإنسانيّةِ!

بكلمةٍ وامضةٍ لمّاحة يتكلّلُ اللّقاءُ النسويّ بحضور الشّاعرةِ الرّوائيةِ هيام مصطفى قبلان، القادمة مِن كرمل حيفا، لتحدّثهنَّ عن سيرتِها الذّاتيّة، وعن مشوارِها الاجتماعيّ والثقافيّ المتمرّد، وما تمّ إنجازُهُ خلالَ رحلتِها الشّعريّةِ، والتي ختمتها بتجربتِها الرّوائيّةِ الأولى، "رائحةُ الزّمنِ العاري".

كانَ اللّقاءُ حافلاً ومُشوّقًا، دمَجَ بينَ الكلمةِ الرّوحيّةِ والشّعريّةِ، تخلّلتهُ قراءاتٌ شعريّةٌ لنماذجَ مِن كتبِها، ومداخلاتٌ وتساؤلاتٌ مِن قِبَل النّساء، وفي نهايةِ النّدوةِ الأدبيّةِ تمّ توقيعُ وتوزيعُ الكتاب "رائحة الزّمن العاري"، وسطَ نخبةٍ راقيةٍ مِن نسائِنا الجليليّاتِ من الرّامةِ وعبلين، لتنعمَ عبلين، بشرفِ استضافةِ كلٍّ مِن نادي حاملات الطّيب الأورثوذكسيّ/ الرّامويّ، والشّاعرة هيام قبلان.

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق