صريفا والخيام تصدّران الجمال إلى الكون



المستقبل -  عمر حرقوص

قدر بقدر كأنه هذا العام... سياحة وراحة بال وكذلك هدوء في الجنوب يخرقه بعض "النقوزات" على "الدوليين" وزجاجهم المصفح. قدر بقدر ينبت فجأة من صريفا أم الفوالق ومنها فالق الزلازل وملكة جمال أميركا ريما فقيه، إلى الخيام أم المعتقل والسجن السابق وكذلك الصور التي قال عنها العدو الإسرائيلي إنها مخازن أسلحة، وأيضاً ملكة جمال لبنان رهف العبدالله. أقدار أن تكون الصبيتان ملكتا جمال البلدين (الجمال الوحشي الذي يندر أن نشهد مثله) تحضران من بلدتين جنوبيتين، تستعرضان أجساداً لو قدر لليونانيين في زمن أفلاطون أن ينحتوا مثلها لوضعوها مع "زيوس" وزادوا عليها أن نقلوا حاضرتهم من أثينا واسبارطة إلى صريفا والخيام.
في هذه المواجهة هناك قدران، قدر النقر على طبول الحرب في المنطقة ومنها أو أكثرها الخوف على لبنان وجنوبه من الاشتعال، مقابل النقر على الأجساد الشابة المحرمة مع ملكات الجمال واللباس البحري المختص بهذه المسابقات والسير أمام لجان تحكيم وشاشات تلفزة، مواجهة تُسيل الدموع من جهة، أو تسيل اللعاب من جهة ثانية. سباق محموم بين جسد الصاروخ والطائرة الحربية والقنابل المضيئة، مقابل جسد الخصر الميّال والنهد المضيء و"السحبات" التي قد تجعل "هيرا" زوجة "زيوس" أو "جوبيتر" تلعن الحداثة والسفن الفينيقية التي علّمت اللبنانيين انطلاقاً من صور أن يهاجروا ويصلوا ولو بعد آلاف السنين إلى ملكات جمال العالم، هيرا هناك من عليائها تكاد تنتحر فيما زيوس، عين على الصبايا وعين على زوجته التي "دب فيها شرش الخوت".
لنتصور مثلاً، أن غداً في مسابقات جمال الكون التي سيشارك فيها لبنان بملكة جماله الجميلة رهف العبدالله وابتسامتها الخارقة الحارقة المتفجرة، وفي المقابل تطل ريما فقيه بجمالها "السكودي" الأخاذ الذي قد يسوسح لجنة التحكيم والجمهور المنتشر فوق أصقاع الدنيا. تتنافس هناك الخيام وصريفا على لقب واحد، ضربة حظ موفقة للبنانيين بلا شك، حيث حظ اللبنانيين في هذه القصة مضروب باثنين، يعني وبما أننا نحب ريما فقيه وننسبها إلينا وننسب لهجتها الجنوبية حين تتكلم اللغة العربية مع مدّ الأحرف قليلاً إلى قريتها صريفا، نكون قد حصلنا على ثنائي الجمال، فنتذكر "ستنا" بالجمال جورجينا رزق في العام حين أطاحت بالكون وفازت بجماله. فتربعت يومها العروش كلها فوق البلد، من الجمال إلى النضال، ومن السياح إلى جيوش الانتداب والاحتلال، فزاد هذا الوطن في الرقة حتى انفلق حروباً ظل نقيرها يصدح عاماً، يومها وبعد فوز جورجينا رزق أتانا سواح من كل الأنواع ومن كل البلدان ليشهدوا موسم العز اللبناني والصبايا اللواتي يشبهن ملكة جمال الكون، والأوف وكأس العرق.
تقف الصبيتان بعد فترة قصيرة في دولة ما من العالم للمشاركة في مسابقة جمال الكون ومسابقة جمال العالم، تقدمان استعراضاتهما، قد تحبان إلقاء التحية على بعضهما والحديث عن التبولة والمجدرة الجنوبية الحمراء، أي العدس بالبرغل المخلوط بالبصلة المحروقة. وقد تضطران إلى الصمت عن الكلام العلني والابتعاد عن بعضهما البعض حين التقاط الصور التذكارية، حتى لا يقال لرهف في مكان ما إنها قد طبّعت مع الأميركيين، أصحاب أجندة "الفوضى الخلاقة"، فيستحضر النائب نواف الموسوي الاتفاقية الأمنية وطائرات الهيليكوبتر التي تحط في عوكر معلناً أن اللبنانيين أبرياء من تصرفات "البعض". وكذلك حتى لا يصيب ريما "الحندقة" ما أصاب الزميلة أوكتافيا نصر بعد تطيير نصابها من العمل، وتحويلها إلى باحثة عن عمل جديد.
إذاً، قد تعيش الشابتان في الممنوعات، بسبب "غيمة" تصيب علاقات بعض اللبنانيين مع بعض الأميركيين. ولكن ريما ورهف قد تصلان إلى التنافس الجدي حول منصب الجمال الكوني، سنقف هنا في بيروت ضائعين فيمن نؤيد، بين رهف ابنة اخت أحد شعراء الجنوب، أو بين ريما التي لا يمكن إلا أن نتذكر أنها ولدت على هذه الأرض وعاشت لسنوات قبل أن تطير عائلتها كما الكثير من اللبنانيين الذين يهاجرون دوماً في موسم هجرة إلى الشمال.


CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق